أبريل
14
2013طغى”الأسد” … حين ظلمنا القرد
طغى“الأسد” … حين ظلمنا القرد
فهد بن سليمان الشقيران
جريدة الحياة 15 أبريل 2013
(الحرب الأهلية الانجليزية)
ربما كانت تجارب الإنسان الدموية هي الأكثر نضجاً في تاريخه؛ لأنها تضع حداً لنرجسيته الأخلاقية، ولو كان الإنسان خيّراً بطبيعته لما احتاج إلى النُظُم الأخلاقية والأديان والمصلحين الذين يسوقونه من الظلمات إلى النور. الخير موضوع طارئ في مسار الشر. وعليه فإن السلم ليس إلا شكلاً من غياب الحرب. يكتب توماس هوبز الفيلسوف الذي تعاطى مع الإنسان بواقعيةٍ انطلق بها من الحرب الأهلية الانجليزية التي كانت قريبةً منه:”الحرب ليست إلا الزمن الذي تظهر فيه إرادة استعمال القوة لفظاً أو فعلاً، أو نيّة ذلك، والسلم إن هو إلا حال من غياب الحرب”.
السلْم طارئ وهامشي، بينما الحرب هي الأساس منذ إنسان الغابة وإلى اليوم، حين أصبح الإنسان قوياً وخرج من الغار برمحه بدأت الكارثة.
والإنجازات التي ارتبطت بتاريخ الإنسان أخلاقياً مرّت بأساليب ملتوية بعيدةً عن الخير”المحض” الذي تبجّح الإنسان بتوهّم امتثاله. إبّان الحرب الأميركية الأهلية كان للرئيس “الخيّر” إبراهام لينكولن أساليبه الملتوية من أجل إقرار قانون تحرير العبيد ليستعيد الاتحاد تماسكه بعد حربٍ هي الأكثر دموية في التاريخ الأميركي، إذ راح ضحيتها 600 ألف جندي، وآلاف الضحايا المدنيين.
كان لينكولن ميكافيلياً في نضاله من أجل الوصول إلى ما يريد، حيث رشى أعضاء مجلس الشعب من أجل قانون تحرير العبيد كما قام بتصفيه خصومه واستخدم أساليبه السياسية الماكرة من أجل مصلحة الشعب العليا. من هنا يتداخل الخير بالشر بشكلٍ تفاعلي دائم. وفي آخر فيلم:” Lincoln” كُتبتْ عبارة:”أقرّ أفضل قانون أميركي برشوةٍ من أطهر رجل أميركي”، والخير الذي ينعم به الشعب الأميركي لم يكن ليمر لولا استخدام لينكولن لأساليب شريرة وغير أخلاقية وصولاً إلى جنّة المساواة والتحرير.
(دانيال داي لويس بدور لينكولن)
You must log in to post a comment.