مايو 2015

أي ديمقراطية تبنى على الجماجم؟!

 

 

أي ديمقراطية تبنى على الجماجم؟!

جريدة الشرق الأوسط 11 سبتمبر 2014

فهد بن سليمان الشقيران


 

شكّلت الاضطرابات التي وقعت في المنطقة بآثارها المدمرة والدماء النازفة ميدانا للنقاش الأخلاقي والسياسي والاجتماعي، وهي نقاشات صارخة في تعدد معانيها وتنوع مشاربها وتشعّب مقاصدها، بيد أن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه رموز ذلك التغيير، أو ما يسمونه السعي نحو الحرية والعدالة والمساواة وغيرها من الشعارات، تمثّل في استبعاد السؤال الديني بل ومجاملة التطرف الديني، الأمر الذي ارتدّ على المناخ العربي كله. وقد كتبتُ في مايو (أيار) 2012 أن الربيع العربي هو «ربيع تنظيم القاعدة»، وآية ذلك أن مناخات التغيير هيمنت عليها رموز الأصولية وامتُطيت من التيارات المتطرفة الاستئصالية، وحتى الذين لديهم انتماءات ليبرالية وعلمانية باتوا يجاملون هذا الخط الديني ويتحالفون معه بغية إزاحة وهمٍ يسمونه الاستبداد واستبدال استبداد أشد وطأة وأكثر تنكيلا به.

حين انتصر صوت الناشط على تأمل الكاتب، وزعيق الخطيب على تحليل الخبير، وشعارات الشوارع على إمكانيات الواقع، فجّرت الأحداث مكنوناتها، إذ سرعان ما ظهر المضمر والمطمور في تلك المجتمعات. فتحت المظاهرات كوّة واسعة على أنفاقٍ كبيرة مليئة بكل جروح الطائفية والتلذذ بالدماء، والسعي نحو الحرب، وقتل الآخرين، واستيقاظ الأحاسيس القبلية واستذكار النزعات التاريخية.. كل تلك الأمراض لم يكن أي متحمس يظن أنها ستنبعث. وأخطر ما أنتجته هذه الاضطرابات الاستجواب الشخصي لكل إنسان، فإن لم يكن مع الثورة فهو غير إنساني! بينما الأصوب أن الامتناع عن تأييد الثورات والاضطرابات التي جرت وتجري هو موقف إنساني بامتياز؛ ذلك أن دم الإنسان أثمن من جميع الشعارات، بدليل الذي يجري في سوريا اليوم حين يقتل ربع مليون ويهاجر سبعة ملايين إنسان، والقتل ليس كالقتل، إذ تؤكل الأكباد وتبقر البطون ويستأصل الجنين.

لا يمكن لواقعٍ هشّ أن يستخدم ليصنع مستقبلا مشرقا، ذلك أن التغيير يكون من جنس المغيّرين، فلا يمكن أن تقام أسس الحرية على أنقاض الحقد والقتل والتفجير والاستئصال ودعايات الإبادة كما نسمع هذه الأيام، ولا يمكن أن ترسم مجالا للحرية من دون عمق مدني حر يستبعد صيغ التمييز الدينية والقبلية والطائفية، وهذا لم يتوافر في أي بلدٍ عربي، ذلك أن مفهوم الحرية لم يتشكّل أصلا، بل هي مقتصرة على حرية الذات في توبيخ الآخر والاعتداء عليه والعدوان على أثره وبيته وأسرته وعائلته.

لقد وقعت المجتمعات في فخّ الشعارات وضمن أحلام المستقبل التي لا تتجاوز كونها طيفا من حلمٍ عادي لا يمكنه أن يترجم على أرض الواقع الذي يثبت دائما أنه أكبر وأكثر تعقيدا من أن تغيره مجموعة مسيرات وشعارات وبضعة أسلحة ودبابات.

من الخطأ الربط الأخلاقي بين الثورة وتأييدها، ونفي المعنى الإنساني عن المعارضين لأي اضطرابٍ أو تغيير ساذج يبنى على الأكباد والدماء وجماجم الأطفال. هناك مساحة من التأييد أو الامتناع عن ذلك تبعا للمجال الفكري والفلسفي الذي يستخدمه الإنسان، بالمقابل ثمة فلاسفة وأدباء عظماء وقعوا في فخ تأييد الاستئصال لمجرد الوقوع في فخ الشعار والإخفاق في القراءة، مثل من أيّد النازية على ما نقرأ في اعترافات غونتر غراس، وفي مواقف مارتن هيدغر كما يسرد في بعض محاضراته وكما يوضح ذلك يورغن هابرماس في كتابه عنه «هيدغر والنازية»، وكذلك الفيلسوف عبد الرحمن بدوي الذي يورد ذلك في مذكراته.

بنهاية المطاف، هناك فخاخ في الحدث السياسي قد توقع المندفعين في أتون النار باسم الحراك والشعار والأمة الجديدة وسواها من الشعارات في الشرق والغرب.

ومن نتائج الاضطرابات التي دمّرت المنطقة ظهور فصائل وتنظيمات جديدة متوالدة، وأخطرها تنظيم «داعش» الذي يهجّر المسيحيين ويقتل الإيزيديين ويستأصل المخالفين، ويقوم بإعدام ونحر الصحافيين، وهو يروّج للخلافة ويسعى إلى إقامة دولة استئصالية في المنطقة. ولدى التنظيم ثروته التي ما كان ليكسبها لولا مناخات العنف وتفكك المؤسسات وانتشار الدول الفاشلة الهشة العاجزة عن حماية حدودها.

لم تكن الولايات المتحدة مهتمةً بالأخطار التي سيجرها الحراك العربي، بل أرادت أن تستبدل «الإسلام السياسي» بما تقول إنه «استبداد سياسي». ويذكر فواز جرجس، في كتابه «أوباما والشرق الأوسط – مقاربة بين الخطاب والسياسات»: «يقر مستشارو أوباما بأن الاستبداد السياسي هو العرف وليس الاستثناء في الدول العربية، ومن المعروف أن الحكام المستبدين يقمعون المعارضات السياسية المشروعة، ويخنقون المبادرات والابتكارات الشخصية. لقد أدّت سياستهم القمعية والفاشلة على المدى الطويل إلى إرهاق وضعف المجتمعات العربية، وتسببت في فقرٍ مزمن وتفشي الفساد، وصعود التطرف».

هذه وجهة نظر أوباما برواية مستشاريه. لقد كان منطلقا في تأييده للاضطرابات العربية من أحلام مارتن لوثر كينغ وشعارات «لدي حلم» وسواها، وفي نهاية المطاف تبيّن أن ما يصفه أوباما بالاستبداد ليس استبدادا سياسيا، بل هو نسيج هذه المجتمعات العربية وحالها. مجتمعات لم تستعد لفتح أضابير الأسئلة الدينية والثقافية والفكرية والقبلية. لقد غيّرت أربع دول عربية أنظمتها، لكن ما النتيجة؟! لا شيء، المزيد من الاضطراب والخراب والدماء. إن القصة في التربية الثقافية كلها وليست في استبداد سياسي معين.. الطاغية الذي يتحدث عنه الثائر بنهاية المطاف لن يجده في القصر، ذلك أن المناضل لم يكتشف أن الطاغية ثاوٍ بداخله.

 

  

هل طعن أدونيس ثورة السوريين؟!

هل طعن أدونيس ثورة السوريين؟!

جريدة الشرق الأوسط 4 سبتمبر 2014

فهد بن سليمان الشقيران


 

شكّلت مواقف الشاعر السوري علي أحمد سعيد (أدونيس) من الثورة السورية ميدانا للسجال والنقاش، وهو لا يكلّ ولا يمل من تكرار مواقفه عبر برامج ومقالات ورسائل. آخر ظهورين له كان أحدهما إذاعيا ضمن برنامج «معكم حول الحدث» على «مونت كارلو» مع ليال بشارة في مارس (آذار) 2014، والآخر تلفزيونيا في برنامج «بصراحة» مع زينة يازجي في أغسطس (آب) الماضي على «سكاي نيوز». ردد في الحوارات ما خلاصته: أن الثورات عموما والثورة السورية خصوصا كلها مفرغة من العلمنة وهي مشحونة بالنفس الديني، واعتبر الثورة التي تخرج من الجوامع ليست بثورة، وردد أن العنف الذي شاب هذا النزاع كان سببا في معارضته للحراك، فهو ضد أي تحرك يقوم على الدين، ويتحدى رموز الثورة أن يتحدثوا بكلمة واحدة عن العلمنة وقضايا المرأة وإشكاليات المفاهيم الدينية ذات الامتداد لتسيير الواقع وتحري آليات تدبير الناس في حال سقط النظام.

بالطبع، ليست مهمة الناقد الاحتفال بالحدث؛ بل مهمته أن يتناوله بالنقد والفحص والتشريح. وكل عمليّة نقدية تتطلب مسافةً من البعد عن الرأي الجماهيري السائد، ذلك أن للجمهور سطوته، فهو يشوّش على الدقة النقدية، وأن الناقد والرافض لا جماهير له، ثم إن السجالات الدائرة بين المثقفين حول الاحتجاجات في مجملها صحّية. مع أن بعضها وصل إلى الذروة من التوتر؛ اتهم أدونيس – مثلا – صادق جلال العظم بأنه «أكبر منتفع من النظام السوري»، ولا يفوت أدونيس الفرصة للتأكيد على كونه من المعارضين للنظام السوري منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي وحتى اليوم.

في كتابه «الثابت والمتحوّل» يثبت أدونيس مقالاته الاحتفائية بالثورة الإيرانية 1979. أخذه سحر الجماهير الهادرة. كان حينها يفكّر بأن تنتشر العدوى للعرب، مع أنه انتقد في ذات الكتاب بعض أشكال الممارسات الإيرانية السياسية وهي واضحة في فصلٍ عنونه بـ«الفقيه العسكري». أما موقفه من الثورات العربية فقد كان حاسما منذ البداية، مع أنه احتفى قليلا بالثورة التونسية، ولكن، حين لاحت بوادر وصول الإسلاميين إلى السلطة اعترض على ثورات «تخرج من الجامع» بل وقف ضد أي نظامٍ سياسي يبنى على الدين، ويعتبر العلمانية أحد الشروط الرئيسة لأي بناء سياسي يمكن أن تنتجه الثورة في سوريا أو غيره.

قبله الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو وقع في ذات الفخّ بتأييد الثورة الإيرانية آنذاك، حيث زارها مرتين بوصفه صحافيا؛ الأولى من 16 إلى 24 سبتمبر (أيلول) 1987 والثانية من 9 إلى 15 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، وقد استقبل في قم من آية الله شريعتمداري. كانت إيران نافذةً لفوكو للحديث عن الإسلام، ظنّ حينها فوكو أن الذي يطفو على السطح هو الإسلام ذاته، غير عابئ بالفصل بين الإسلام السياسي والإسلام ذاته. كان إعجابه بالثورة الإيرانية إحدى نتائج إعجابه بالخميني، كل هذه الأحداث نراها جليةً في كتاب «فوكو صحافيا – أقوال وكتابات». جُمعت مقالات فوكو عن الثورة الإيرانية وتقاريره، بلغت ذروة إعجاب فوكو بالخميني في مقالةٍ نشرها في «أخبار المساء» الإيرانية، في 26 نوفمبر 1987، وقال فيها: «الخميني في الأخير ليس رجلا سياسيا، فليس هناك حزب للخميني، وليس هناك حكومة للخميني، فالخميني هو نقطة تحديدٍ لإرادة مشتركة، فما الذي يبحث عنه ذلك العناد الذي لا شيء يزحزحه». وعن الثورة الإيرانية كتب في ذات المقالة: «كان السؤال الذي طرح عليّ دون انقطاعٍ عندما غادرتُ إيران هو بالطبع: هل هي الثورة؟ فلم أجب! لكنني وددت القول: إنها ليست ثورة بالمعنى الحرفي للكلمة، إنها طريقة للنهوض والإنقاذ، إنها ثورة رجال عزّل يريدون أن يرفعوا العبء العجيب الذي يجثم على صدر كلٍ منا».

من الغريب أن يكتب فوكو الفيلسوف الأبرز في القرن العشرين هذا الكلام العاطفي عن الثورة الإيرانية، وهو المناوئ لكل أشكال «تديين السياسة».

كان أدونيس يشترك مع فوكو بهذه العاطفة الجيّاشة، وربما أن ندم أدونيس على ذلك الحماس هو الذي جعله أكثر المثقفين خوفا من تأييد هذه الثورات التي جاءت بالإسلاميين. ثم إن أدونيس لم يكن مثقفا جماهيريا، بل كان مشروعه مكتوبا لأشخاصٍ محدودين لا يراهم، كان يبحث عن الشهرة من خلال النفرة منها، ويصل إلى الجماهير من خلال هجرهم. وبعيدا عمن يتّهم أدونيس بالطائفية، غير أن الرأي الذي طرحه أدونيس من «أسلمة الثورات» ينسجم مع مشروعه العلماني الذي شيّده منذ نصف قرن.

سيبقى موقف أدونيس غير مقنع للكثيرين، وسيربطه بعضهم بانتماءاته العلوية، هو يعلم أن الكثيرين شعروا أنه خذلهم وتخلى عنهم في سوريا، لكن حين نأخذ مشروع أدونيس كله منذ ديوان «قالت الأرض» ومرورا بـ«الثابت والمتحول» و«الكتاب» فإن موقفه من الثورة السورية ينسجم مع مشروعه، ذلك أنه من دعاة العلمنة الشاملة في المجتمعات الإسلامية، وضد قيام الدول على الدين، وهو أيضا مع التغيير الثقافي لا السياسي. هذه كلها أدبيات واضحة في مشروعه فمن الناحية العلمية هذا الموقف يأتي في إطار ذلك المشروع. من الصعب الحكم على موقف أدونيس بسهولة وبخاصةٍ أن حرارة الدم السوري تسيل كل يوم غير أنه موقف يستحق أن يكون موضع نقاش لما تضمنه من أدوات نقدية حول العلمنة والسياسة والثقافة والمجتمع.

 

 

خطابات مجرمة.. ولا معتدلون لها!

 

خطابات مجرمة.. ولا معتدلون لها!

جريدة الشرق الأوسط 21 أغسطس 2014

فهد بن سليمان الشقيران

 

 

لو أنّ أحدا في التسعينات الميلادية تطرّق إلى الخطاب الديني نقدا أو تصويبا أو تخطئة لأجلبت عليه الخطب والفتاوى التكفيرية بخيْلها ورجلها، ولأصيب الناطق بمقتل. كان الرموز للتيار الديني يتحصّنون بالمدينونية الأخروية التي يروّجونها ويدبّجونها بمحاضراتهم وندواتهم، وفي زعيق خطبهم، وحين أراد مجموعة من العلماء والمفكرين تناول هذه الأرضية التي تنطلق منها تلك الخطابات تم تكفيرهم ونفيهم، وآية ذلك أن المؤلف الفذّ الراحل نصر حامد أبو زيد حين طرح كتابه «نقد الخطاب الديني» عام 1995 على أثره شكّلت لجنة من أساتذة جامعة القاهرة يتزعّمهم عبد الصبور شاهين الذي اتهم في تقريره أبو زيد بالكفر، ومن ثمّ ذهب إلى منفاه في هولندا التي درّس فيها وأقام واستمر في مؤلفاته وضرباته الموجعة والمدوّية.

شكّل الخطاب الديني ودوره وتقصيره ومسؤولياته حديث السعودية تحديدا والمنطقة عموما، خلال الأسبوعين الماضيين، الورطات التي وقع في فخاخها الخطاب الديني ليست قليلة؛ على إحدى الكراسي الموجودة بالحرم المكي والمخصصة بالوعظ والإرشاد وحلّ مسائل المعتمرين والزائرين، والسعاة والطائفين، تمكّن أحد الدعاة من إلقاء خطبة سياسية تتناول تخطئة من أيد النظام الجديد بمصر، ومن دعمه، مؤيّدا نظام التطرف والاستئصال ممثلا بأنموذج محمد مرسي الرئيس المعزول، وحين حُمّل هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تم تدويره وطرح التساؤل حول الرقابة على مثل هذه الكلمات المسيّسة التي تتدخل بما ليس من اختصاصها أو مسؤوليتها، وحين استقبل الملك الصالح الحكيم عبد الله بن عبد العزيز الفقهاء والمسؤولين بالمؤسسات الدينية، سواء في رئاسة الحرمين الشريفين أو مؤسسة الشؤون الإسلامية أو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، قال بحرارة وتألّم: «أنتم في كسل، وفيكم صمت». كلمتان خفيفتان كانتا كافيتين لخضّ وغربلة وتحفيز كل المسؤولين المقصودين.

ثمة مسؤوليات كبرى على المؤسسات الدينية، هناك خمسة وتسعون ألف مسجد وجامع بالسعودية، من بينها خمسون ألف جامع، وعليه فإنه بالأسبوع الواحد تضخّ في المنابر خمسون ألف خطبة معظمها خارج الرقابة أو التصحيح والملاحقة والضبط، حين ألزمت وزارة الشؤون الإسلامية الخطباء بإلقاء الخطب حول جريمة شرورة البشعة ضد رجال الأمن المخلصين رفض البعض هذا التعميم، ومن ثم تصبر الوزارة عليهم باستمرار ويأتي العقاب متأخرا للغاية، ويغيب دور المراقب الذي يحتاج – ربما – في بعض الأحايين إلى مراقب نظرا لعدم الدقة في التوظيف والتأهيل لمثل هذه المسؤولية، وأعلم جيدا أن المراقبين الموظفين في الشؤون الإسلامية معظمهم لا يحمل مؤهلا علميا يمكّنه من نقد الخطيب والانتباه للثغرات في الخطبة أو الأخطاء الفقهية والعلمية والاجتماعية، بل والسياسية، وهذه مسألة أخرى.

أما هيئة كبار العلماء فهي المؤسسة الأهم، التي يقع على عاتقها توعية المجتمع بالرأي الضابط في خضمّ الأحداث المزلزلة، كما فعلت في موضوع الاستعانة بالقوات الحليفة عام 1990 وبمواقفها الصارمة حين شغب بعض المتطرفين في بريدة عام 1994 وكما تفعل دوما في المنعطفات الكبرى والأحداث الجسام، وبعد كلمة الملك حدثت هبّة داخل الهيئة لجعل الموضوع الاجتماعي حاضرا ووضع ممثلا للهيئة في كل مدينة من مدن المملكة لقول الرأي الضابط البعيد عن هياج الحركيين وأباطيلهم وحيلهم وأساليبهم، وأتمنى من الأعضاء التفاعل مع الناس في مواقع التواصل من خلال حساباتٍ معينة، إذ لم أر إلا عضوا واحدا في هيئة كبار العلماء هو الدكتور محمد العيسى على «تويتر»، وهو قليل التفاعل والتواصل، وهذا مفهوم لمشاغله، لكن تبقى أولوية التفكير بهذا المعنى مهمة جدا، لضرب الرموز المتطرفة التي يتبعها من دون وعي عدد من الملايين.

لو تأملنا في اجتماعات مجلس الاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمن، ودول الخليج، وقمم العرب الثنائية والمتعددة واللقاءات الدولية، لوجدنا أن معضلة الخطاب الديني المتطرف حاضرة. إن الكثير من الرزايا والآلام التي تعصف بالمنطقة كان يمكن تجنّبها لو أننا بدأنا بالتصحيح لكثيرٍ من المفاهيم مبكّرا من خلال المناهج التعليمية ونظام التعليم والخطب والمواعظ وفتح المجال للنقاش والحوار الحر وتحجيم الرموز المتطرفة وعزلها عن المجتمع. الآن حال كل معتدلٍ الكثير من الارتباك، هناك آلاف المفاهيم الكارثية التي تحتاج إلى تصحيح.

وسوى الروم خلف ظهرك رومُ

 

  

الابتعاث.. والصيغ الاجتماعية الحديثة

الابتعاث.. والصيغ الاجتماعية الحديثة

جريدة الشرق الأوسط 7 أغسطس 2014

فهد بن سليمان الشقيران

شكل مشروع الملك عبد الله للابتعاث نقلة نوعية، وآية ذلك أن المشروع الذي يستفيد منه ما يزيد على مائة ألف طالب وطالبة يثمر في هذه المرحلة الحرجة التي تعاش على المستويين الاجتماعي والفكري. أتى على المجتمع حين من الدهر كان التعليم فيه مغلقا ضمن مناهج محددة وصفحات يتم تدويرها منذ الابتدائية وحتى المراحل العالية من دون الانتقال إلى مجالات أخرى أو إلى مناهج علمية تساهم في تغيير «نظام التفكير» الذي يعلّب فيه الفرد منذ المهد وإلى اللحد. ثمة إخفاقات – قليلة وطبيعية – لدى قلة من المبتعثين، ورجع بعضهم مضطربا أو خائبا أو حزينا يترقب، أو مرتدا على عقبيه يدافع عن الارتكاس والرؤى الرجعية، بيد أن هذه النسبة ليست هي الطاغية، بل لا تشكل شيئا أمام عشرات الآلاف من المبتعثين الذين عادوا وهم يتبخترون بمعارفهم وبالمناهج التي تعلموها ودرسوها وبصيغ الثقافات التي سبروها وخبروها.

فكرة الترحال للتغذي من العلوم الكبرى والمعارف والمناهج ليست جديدة، بل قديمة قدم الإنسان ورؤيته وبحثه عن معناه ووجوده، وقديما في فترة ما قبل الميلاد رحل أرسطو سنة (367 ق. م) من مدينة «ستاغيرا» إلى «أثينا» ليلتحق بمعهد أفلاطون، وكان الأخير قد جمع حوله مجموعة من الرجال المتفوقين في مختلف المجالات العلمية من طب، وبيولوجيا، ورياضيات، وفلك، ولم يكن يجمع بينهم أي رابط عقائدي سوى رغبتهم في إثراء وتنظيم المعارف الإنسانية، وإقامتها على قواعد نظرية راسخة ثم نشرها في مختلف الاتجاهات، أما العلماء المعاصرون أو الذين مروا خلال القرون الماضية فقد كانوا من الرحالة، يذهبون حيث تنتشر المعرفة. فالرحلة للعلم موجودة حتى في تراثنا الإسلامي، وفي كتب أدب الطلب للعلم لدى رموز العلوم في الإسلام: «من لم يكنْ رُحْلَةً لن يكونَ رُحَلَة».

ثم إن الابتعاث ليس الهدف منه العبّ من المعلومات، أو حفظ القواعد، أو ترديد النصوص، بقدر ما يتجه معناه العميق نحو التغيير للنظام الفكري للفرد، والأنظمة تكتسب ولا تُعلّم. ثمة فتوحات كبيرة بالعلوم الفلسفية والعلمية والطبية والفيزيائية والبيولوجية وفهمها لا يعتمد على الحفظ أو الترديد أو التخصص فحسب، وإنما في المنهاج الذي قاد إلى هذا المستوى من الفتح المعرفي والانتصار العلمي. وفهم البيئة التي أنتجت العلوم والسياق التاريخي الذي أيقظ عباقرتها من مرقدهم إنما يكون في الوعي بالمناهج التي قادت، ففهم الثمرة قد يحصل للإنسان في جامعات دياره، بيد أن الفهم العميق للشجرة التي أنتجت الثمرة لا تأتي من دون الابتعاث والذهاب إلى منابع تلك العلوم ومصادرها، فالتغيير في طرق الوعي بالذات التي تكتسب المعرفة هو هدف الابتعاث أمام الوعي بالمسائل العلمية والتخصصات الدقيقة فيأتي بمنزلة تابع.

ولأن المجتمع السعودي يعتبر شاباً يافعاً فتيّاً متطلعاً نحو العصر والزمن، فقد وُفّق بملكٍ محبّ للعلم والمعرفة، صديق للجامعة والمكتبة، أراد لهذا الجيل أن يرحل إلى العالم خارجاً من الصحاري ومن المعتاد من الوجوه والأفكار، ليعرف العالم ويختار، وليكون على بيّنةٍ من هذا الكوكب الذي نتشارك فيه مع الأمم والأديان والثقافات، ولا غرو فالملك رمز حوار الفكر والأديان، وأيقونة الدعوة إلى التسامح والسلام، وحين يرحل الأبناء والبنات زرافاتٍ ووحداناً باحثين بخطى حثيثةٍ وبشغفٍ وتشوّفٍ للبحث في هذه الدول والبلدان من الصين واليابان وشرق آسيا إلى أوروبا وأميركا وكندا، حينها تقع أعين هذه الأجيال على أمم شاخت وهي تتعلم وتتصدّر الفتوحات المعرفية مما يعزز من التحدي للمراحل القادمة، ومن ثم تعود هذه الجموع نحو جامعاتها وكلياتها ومؤسسات عملها حاملةً «الرؤية» المختلفة المرتبطة بالعلم المستقى من منابعه، ليذودواً عن حياضِ بلدهم، صانعينَ مشاريع خارقة متجاوزة.

وللبمتعثين أقول: إن الرؤية سابقة للمعرفة، ومن دون رؤية تكون المعرفة مثلومةَ ناقصةً مجتزأةً، والمعارف قد تكتسب محلياً لكن الرؤى تحتاج إلى صقلٍ ومعايشةٍ لكل الثقافات والشعوب، ما يُنتظرُ من المبتعث أن يفكك مركزية ذاته وثقافته ومحليته ليصنع سطحاً من التواصل مع الأمم، ليستبدل رؤية الذات برؤية الآخر ضمن الذات، لئلا يجترّ معه آلامه ودوائره المغلقة في أرصفة العالم جيئةً وذهاباً من دون أثرٍ يذكر إلا من صرفٍ لا يستحق ذلك الذاهب إلى منابع العلم.

مشروع الابتعاث سيكون وشماً جميلاً خالداً على جبين هذا الجيل.

 

الأصوليون.. أسماء متعددة لحلم واحد!

الأصوليون.. أسماء متعددة لحلم واحد!

جريدة الشرق الأوسط 27 يوليو 2014

فهد بن سليمان الشقيران

 

ربما كانت السنوات الأربع الماضية من أكثر الحقب المزلزلة التي مرت على الخليج، وذلك على مستويين؛ أولهما: التحديات، والآخر: انكشاف أذرع الأصوليات.

مرّ زمن طويل كان الفصل فيه بين تنظيم الإخوان وخلايا «القاعدة» هو السائد إعلاميا، وذلك عبر بث صيغ التمييز للإخوان الذين يستخدمون الخطاب العمومي المناوئ «شكلا وإعلاما» لـ«القاعدة»، والمناصر «انتخابيا» لشراكة المرأة، يصحّ هذا التمييز الخطير على الإخوان في الخليج ومن بعدهم جميع تيارات الإخوان في العالم. الأحداث التي جرت محضت التيارات، ووجدنا من كانوا يدّعون أنهم من الشيوعيين أو الليبراليين ينضمون إلى تيار الإخوان الذي بدا جارفا منذ بدء الاضطرابات. بيانات ورؤى ومقالات كانت منسجمة مع فكر رموز التطرف وقادة الأصولية، وذلك بتأثيرٍ من الشعارات الخادعة من الحرية إلى الديمقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع، وسواها من يافطاتٍ جرت الكوارث وأشعلت الحرائق وسفكت الدماء.

الذي يجري بالخليج، وتحديدا في السعودية والإمارات، عبارة عن جهدٍ كبير جبار لتجفيف منابع العنف والإرهاب، وتحجيم الأذرع التي تستخدمها الأصوليات. أدركت هذه الدول بوعيها أنه لا يمكن مواجهة التحديات من دون ضرب الأصوليات، وذلك عبر التجفيف الفكري، والمحاربة للمناشط الحركية الكارثية. ولعل الصراع الدائر حاليا في وسائل التعبير يدور حول محاولة حثيثة من الحركية الأصولية بغية تدمير الدور الذي تقوم به المؤسسة الدينية الرسمية. كان بعض الإخوانيين يطرحون العديد من الأفكار التي سموها «التنوير الإسلامي»، مجملها يدور حول حيلٍ في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، ولعل من أبرز الصيغ التي يستخدمونها ضرب المؤسسة الدينية من خلال نفي «الكهنوتية» عن الإسلام، نقرأ هذا الطرح لدى بعض المفكرين ممن كان لطروحاتهم الرواج في أواخر التسعينات إبّان نشوء ما عرف آنذاك بالتيارات العصرانية أو العقلانية ذات المرجعية الحركية المتحوّلة المجتزئة للنص الديني، ومن هنا كان لمحاولة طمس دور المؤسسة الدينية بعض النجاح الإعلامي للأصوليين خلال السنوات الأربع الماضية، لكنه نجاح لم يستمر.

من المعروف أن للمؤسسة الدينية تكوينها التاريخي ضمن تحديات الواقع على النحو الذي يسرده محمد نبيل ملين في كتابه «علماء الإسلام – تاريخ وبنية المؤسسة الدينية في السعودية بين القرنين الثامن عشر والحادي والعشرين» والتكوين الذي تمثّله المؤسسة الدينية، علاوة على حيويته الاجتماعية، فإنه يمثّل القيمة الرمزية للفقه والرأي الشرعي النافذ في المجتمع مع تجدد الأزمات، من هنا تكون ضرورتها في المجتمع المسلم ضمن الانسجام في الرؤية الحدَثية مع السلطان الذي يعبر بالناس خارج أزماتهم، ما تريده مجاميع الأصولية أن تفتت تلك المؤسسات ليكون الرأي الفقهي سائلا بين المفتين، وعشرات الدعاة، وآلاف المنظّرين، حينها يسهل عليهم ابتلاع الواقع، لأن كل ضعفٍ في المؤسسة الدينية هو مظنّة صعود الأصولية وشيوع التطرف والعنف.

كان للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في نظري أكثر الآثار السيئة على الأحداث في المنطقة، ذلك أن هذه المؤسسة ذات البنية الأصولية والمتفرّعة عن تنظيم الإخوان المسلمين تخدم الحزب الإخواني من المسلمين، هذا بالإضافة إلى التزيّد والادعاء الذي يشرحه الاسم «اتحاد – عالمي – علماء – المسلمين» هذه العبارات توضّح مستوى الوصاية على المجتمعات خارج إطار مؤسساتهم الدينية، إذ يتجاوز دور هذا الاتحاد الحزبي موضوعات المسلمين ومشكلاتهم إلى التدبير لهم.

كان التصرف حكيما وذكيا حين أعلن في أبوظبي وبحضور الشيخ عبد الله بن زايد إطلاق أول هيئة دولية مستقلة تهدف إلى تعزيز السلم في العالم الإسلامي تحت اسم «مجلس حكماء المسلمين»، يترأسها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وتكون أبوظبي مقرا للمجلس. أظن أن مثل هذا المجلس بأهدافه ذات الطموح السلمي ونشر الاعتدال وترسيخ قيم الاستقرار هو ما يفيد المسلمين بوصفه جهة سلمية تعضد المؤسسات الدينية وتدعمها وتساهم ببنائها وحمايتها، على عكس اتحاد الإخوان المسلمين الذي ينشر الكوارث ويصدر بيانات النفير وفتاوى الحراك.

وضحت الأمور، ووضعت الأحداث أوزارها، وغيض الماء، وقضي الأمر، بانت الأصولية وحدة مترابطة، لا فرق بين قاعدة ولا سرورية أو إخوان أو قاعدة، داعش كانت فضيحة لهم لأنها استبقت تطبيق برامجهم، فذهبت بالميدان الأصولي راكضة إلى أقصاه، هذه هي الحكاية باختصار.

 

«شباب اليوتيوب»… والمرض بالوعظ!

«شباب اليوتيوب»… والمرض بالوعظ!

فهد بن سليمان الشقيران

جريدة “الشرق الأوسط” 16 يوليو 2014

 

تعبر الطفرة الإعلامية في القنوات الخليجية عن غليان اجتماعي حيوي، ذلك أن هذا الفضاء الممتد يحتاج إلى محتوى للبث والطرح. تختلف القيمة المطروحة من قناة إلى أخرى، وإذا كانت الأسئلة قد أغرقت الصفحات قبل سنوات حول مصير الشاشات بعد الأجهزة الكفية ومسلسلات «اليوتيوب» ومن ثم برامج «اليوتيوب» فإن مصير هذا السؤال تبدى من خلال التحالف بين «اليوتيوب» والقنوات الفضائية المتعددة. كانت ظاهرة «شباب اليوتيوب» هي شكل الحيوية التي تغلي في الشباب الخليجي نظير البعد عن الإعلام الرسمي، ومن ثم الرغبة في التأثير أو التداخل في الشأن العام من خلال الرأي أو المساهمة في الطرح أو المشكلات القائمة، غير أن هذه الظاهرة وبعد مرورها بأكثر من مرحلة آن أوان تقييمها.

أفرزت هذه الحالة الشبابية طفرة في النصح والتوجيه والإرشاد من أناس يجب أن يكونوا في قاعات الدرس والتعلم، لا في قاعات التوجيه والنصح، بعض هؤلاء بدأ في المرحلة المتوسطة والثانوية في توجيه المجتمع وضربه بسياط قوله، وفي هذا النموذج مبالغة خطيرة. تطورت موجة الضرب بجسد المجتمع عبر هؤلاء لتكون من أبواب لها مداخل آيديولوجية، وليس سرا أن بعض هؤلاء وبعض تلك الشركات المنتجة لديها علاقاتها وتحالفاتها مع رموز إخوانية، وهذا يؤثر على سلامة هذه الظاهرة وقيمتها الفعلية داخل المجتمع. يستغل بعض رموز الإخوان مثل هؤلاء لضخ حال من الاحتقان في المجتمع بغية توريطه بمواجهة مع السياسي، ويأتي هذا النموذج من خلال النقد الساذج لبعض الوزراء الكبار في الحكومة الذين يقومون بأدوارهم الكبيرة قبل أن يولد منتج برنامج «اليوتيوب» ومقدموه.

منذ أربع سنوات والإعلام يضخ وبشكل مبالغ فيه أحيانا موضوع «الشباب»، وتم تضخيم موضوع أدوات التواصل الاجتماعي إلى درجة جعلت من الفئة الشبابية تنخدع بنفسها بوصفها من تقود المجتمع ومن تؤسس للثورات، وقد وقع بهذا الفخ بعض كبار المفكرين الذين آمنوا بمفهوم «الناشط» الذي يتواصل مع المجتمع «رقميا»، تبين فيما بعد أن هذا التضخيم لم يجر إلا الخراب والدمار على النحو الذي نشاهده في ليبيا وتونس وسوريا واليمن، وظاهرة «شباب اليوتيوب» وقعت في هذا الفخ الكارثي.

خلال شهر رمضان ظهرت أكثر من أي وقت مضى تحولات تلك الفئات لتصل إلى الضحك وبشكل مستفز على المجتمع لحظة الإفطار، يقومون بـ«تتفيه» منظم لكل ما يشغل الناس، حتى إن أحدهم في برنامج مشترك بينه هو وبين زميلته سخر من تشجيع السعوديين لألمانيا وهولندا، هذا الأسلوب من التجاوز لقيمة المجتمع ومشاعره يعبر عن «غرور عميق» زرع بهذا الشخص بسبب التأثير المتخيل الذي يظنه في ذاته بسبب الزهو الذي غرسته ظاهرة «اليوتيوب» لدرجة جعلته يحتقر أربعة وعشرين مليونا في «كلمتين وبس».

أحسب أن هذا النمط من الطرح ترعرع على أيدي الأوساط التربوية «الإخوانية» و«السرورية»، وهي امتداد لأساليب الطرح في الأنشطة اللاصفية التي يسيطر عليها آنذاك رموز الصحوة، ولجأت إلى «اليوتيوب» لتجد ملاذا في مخاتلة المجتمع ومنازلته ومحاولة التأثير عليه عبر أفكار تربوية في عمقها إخوانية، تجاوزوا بالإعلام هدفه الأساسي وهو «التسلية» ليجنحوا به نحو التربية، وهذه صيغة آيديولوجية، ووجدت القنوات بهم فرصة لاستقطابهم واستثمار جماهيريتهم، وهي بهذا النحو تقوم بضربة مادية، غير أن الانتقال من «اليوتيوب» إلى «الشاشة» أوضح مستوى القحط الكوميدي لديهم وأسسوا لنمط من التأفف الاجتماعي تجاه هذه النصائح المباشرة من شباب هم في سن التعلم لا التعليم.

الشباب جزء من المجتمع، يجب أن يتكاملوا مع الكبار والمسؤولين وأن ينهلوا من خبرة من سبقهم، النرجسية الإعلامية التي زرعت بالذوات الخاوية بسبب هذا الانتفاخ الذي يحققه لهم الانتشار يجب أن تخفف، فالمجتمع غني بالرحالة والأدباء والوزراء والعلماء الذين إن تجاوزهم الشباب فقد مارسوا انتحارا اجتماعيا كارثيا على النحو الذي حدث في دول بالجوار، ليس هناك شيء اسمه شباب التواصل الاجتماعي، وليس صحيحا أن من يقود المجتمع هم الشباب، بل يتكامل الواقع بكل فئاته، ومن المعيب أن يسخر شاب على برنامجه من مسؤول كبير خدم أهله ووطنه، ثم يأتي من يسخر منه بأسلوب غير مهذب. القليل من الحياء لأن من لا يستحي يصنع ما يشاء.